والتقدير: ما أنزلنا عليك القرآن لتحمل متاعب التبليغ إلا ليكون تذكرة.
وإنما خص لِمَنْ يَخْشى بالتذكرة لأنهم المنتفعون بها، وإن كان القرآن عاما في الجميع، وهو كقوله: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة ٢/ ٢]. ودليل العموم قوله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان ٢٥/ ١].
ووجه التذكير بالقرآن: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعظهم به وببيانه.
تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى أي هذا القرآن الذي جاءك يا محمد نزل عليك تنزيلا من خالق الأرض والسموات العليا، والمراد بهما جهة السفل والعلو، الأرض بانخفاضها وكثافتها، والسموات في ارتفاعها ولطافتها.
والمراد بالآية: إخبار العباد عن كمال عظمة منزل القرآن، ليقدروا القرآن حق قدره.
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أي ومنزل القرآن هو الرحمن المنعم بجلائل النعم ودقائقها، وهو الذي علا وارتفع على العرش، ولا يعلم البشر كيف ذلك، بل نؤمن به على طريقة السلف الصالح الذين يؤمنون بالصفات من دون تحريف ولا تأويل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، فهو استواء يليق بجلال الله وعظمته، بلا كيف ولا انحصار، كقوله تعالى: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح ٤٨/ ١٠] لأن الله تعالى ليس بجسم ولا يشبه شيئا من الحوادث، والعرش:
شيء مخلوق، لا ندري حقيقته.
ويرى الخلف تأويل الصفات، فيراد بالاستواء: الاستيلاء والقهر والتصرف الكامل، والعرش: هو الملك، واليد: القدرة.
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى أي إن الله