فَلَمَّا أَتاها أتى النار، وجد نارا بيضاء تتقد في شجرة خضراء. فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي للتواضع والأدب. الْمُقَدَّسِ المطهر أو المبارك، وهو تعليل للأمر باحترام البقعة.
اخْتَرْتُكَ اصطفيتك للنبوة من قومك. لِما يُوحى إليك مني، أو للوحي، واللام تحتمل التعلق بكل من الفعلين. أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي دال على أن الأمر مقصور على تقرير التوحيد الذي هو منتهى العلم، والأمر بالعبادة التي هي كمال العمل. وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي لتكون ذاكرا لي، خصها بالذكر، لما فيها من تذكر المعبود، وشغل القلب واللسان بذكره، وقيل:
لذكر صلاتي، لما
روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال فيما رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي عن أنس: «من نام عن صلاة، أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها»، إن الله تعالى يقول: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي.
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ كائنة لا محالة. أَكادُ أُخْفِيها أبالغ في إخفائها ولا أظهرها بأن أقول: إنها آتية، أو أريد إخفاء وقتها عن الناس، ويظهر لهم قربها بعلاماتها. لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى أي لتجزى فيها كل نفس بما تسعى من خير أو شر. فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها لا يصرفنك عن الإيمان بها. هَواهُ ما تهواه نفسه في إنكارها. فَتَرْدى فتهلك إن صددت عنها.
المناسبة:
لما عظم الله تعالى حال القرآن وحال الرسول فيما كلفه به من التبليغ، أتبع ذلك بما يقوي قلب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في الإبلاغ من ذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام كما قال تعالى: وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ [هود ١١/ ١٢٠]. وبدأ بقصة موسى ليأتم به في تحمل أعباء النبوة، وتبليغ الرسالة، والصبر على مقاساة الشدائد، فإن هذه السورة من أوائل ما نزل، وكان موسى أشد الناس صبرا على تحمل مكاره قومه. وفي سياق هذه القصة تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما يلاقيه من مشاق أحكام النبوة.
التفسير والبيان:
وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى أي وهل بلغك خبر موسى وقصته مع فرعون وملئه، وكيف كان ابتداء الوحي إليه، وتكليمه إياه؟ وبدئ بالاستفهام لتثبيت الخبر، وتقريره في نفس المخاطب، فذلك أسلوب مؤثر في إلقاء الكلام العربي.