المناسبة:
بعد أن ذكر تعالى معجزة العصا الدالة على صدق رسالة موسى عليه السلام، وهي المعجزة الأولى، ذكر المعجزة الثانية وهي معجزة اليد البيضاء التي تنقلب مشعة كشعاع الشمس، تعشي البصر.
وبعد هاتين الآيتين أمره الله بالذهاب إلى فرعون، لتبليغ رسالة ربه ودعوته إلى عبادة الله، فدعا موسى عليه السلام ربه بأربعة أمور: شرح صدره، وتيسير أمره، وحل عقدة لسانه، وجعل أخيه هارون نبيا وزيرا له، لتقويته، وتعاونه معه في أداء مهمة التبليغ، وذكر الله وعبادته، فصار مطلوب موسى ثمانية أمور، أربع منها وسائل، وأربع أخرى هي غايات.
التفسير والبيان:
هذا برهان ثان لموسى عليه السلام على نبوته، وهو أن الله أمره أن يدخل يده في جيبه أو في جناحه (جنبه) معبرا عن الجنب بالجناح، فقال:
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى أي واضمم يا موسى يدك اليمنى أو كفك إلى جناحك (وهو جنبك تحت العضد) واجعلها تحت الإبط الأيسر، تخرج بيضاء لامعة ذات نور ساطع يضيء بالليل والنهار كضوء الشمس والقمر، من غير عيب كبرص أو أذى أو شين- علما بأن جلد موسى كان أسمر- معجزة أخرى غير العصا، ثم ردها فعادت كما كانت بلونها. وإذا حاول السحرة إبطال معجزة العصا، فإنه لم يحاول أحد إبطال معجزة اليد.
وذلك أن موسى عليه السلام كان إذا أدخل يده في جيبه ثم أخرجها، تخرج تتلألأ، كأنها فلقة قمر. قال الحسن البصري: أخرجها والله كأنها مصباح، فعلم موسى أنه قد لقي ربه عز وجل.


الصفحة التالية
Icon