وغيرها من الحجج والبراهين، فعاين ذلك وأبصره، ولكنه كذب بها، وأبى الاستجابة للإيمان والحق، كفرا وعنادا وبغيا، كما قال تعالى: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [النمل ٢٧/ ١٤] وقال سبحانه: لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ، وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً [الإسراء ١٧/ ١٠٢].
ثم ذكر الله تعالى شبهة فرعون وصفة تكذيبه، فقال:
قالَ: أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى أي قال فرعون لموسى مستنكرا معجزة العصا واليد: هل جئت يا موسى من أرض مدين لتخرجنا من أرضنا مصر بما أظهرته من السحر، وهو قلب العصا حية؟ توهم الناس بأنك نبي يجب عليهم اتباعك، حتى تتوصل بذلك إلى أن تغلب على أرضنا وتخرجنا منها. وإنما ذكر فرعون الإخراج من الأرض لتنفير قومه عن إجابة موسى، وحملهم على السخط على موسى والغضب منه، والعمل على طرده وإخراجه من مصر.
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ أي لنعارضنك بمثل ما جئت به من السحر، فإن عندنا سحرا مثل سحرك، فلا يغرنك ما أنت فيه.
فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً أي حدد لنا يوما معلوما ومكانا معلوما، نجتمع فيه نحن وأنت، فنعارض ما جئت به بما عندنا من السحر، لا نخلف ذلك الوعد من قبل كل منا. وقد فوض فرعون تعيين الموعد إلى موسى إظهارا لكمال اقتداره.
وليكن المكان مكانا مستويا ظاهرا لا ارتفاع فيه ولا انخفاض، ليظهر فيه الحق، أو مكانا وسطا بين الفريقين، حتى لا يكون عذر في التخلف.
قالَ: مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ، وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى أي قال موسى