والآية استدلال ثان على إمكان البعث بما يعتري الإنسان في أطواره من الأمور المختلفة والأحوال المتضادة، فإن من قدر على ذلك قدر على نظائره.
هامِدَةً يابسة ميتة لا نبات فيها. اهْتَزَّتْ تحركت بالنبات. وَرَبَتْ ارتفعت وزادت وانتفخت بالماء والنبات. وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ أي أنبتت من كل صنف حسن رائق. ومِنَ: زائدة ذلِكَ أي المذكور من بدء خلق الإنسان إلى آخر إحياء الأرض.
بِأَنَّ اللَّهَ بسبب أن الله. هُوَ الْحَقُّ الثابت في نفسه، الدائم الذي يحق ثبوته، أي لأن الله هو الحق. وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى أي أنه يقدر على إحيائها، وإلا لما أحيى النطفة والأرض الميتة وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لأن قدرته لذاته، فمن قدر على إحياء بعض الأموات لزم اقتداره على إحياء كلها. لا رَيْبَ فِيها لا شك. وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ بمقتضى وعده الذي لا يقبل الخلف.
المناسبة:
بعد أن حكى الله تعالى عن المشركين الجدل بغير علم في قضية البعث والحشر والنشر، وذمّهم على ذلك، أورد تعالى الأدلة على إثبات البعث بخلق الإنسان، وخلق النبات، فقال هنا عن الأول: فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ الآية، وقال في آيات أخرى: قُلْ: يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ [يس ٣٦/ ٧٩].
فَسَيَقُولُونَ: مَنْ يُعِيدُنا، قُلِ: الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الإسراء ١٧/ ٥١] وقال عن الثاني: وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً...
التفسير والبيان:
بعد أن ذكر الله تعالى موقف المنكر للبعث، ذكر الدليل على قدرته على المعاد بما يشاهد من بدئه الخلق، فقال:
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ أي يا أيها البشر المنكرون للبعث، إن كنتم في شك من إمكان البعث ومجيئه، يوم القيامة، فانظروا إلى بدء خلقكم، فمن قدر على البدء قدر على الإعادة بدليل المراحل والأدوار السبعة التي يمر بها الإنسان وهي: