وأما الإعراض: فهو الإمعان في البعد عن القرآن وترك آياته وعدم الإيمان بالله، بالرغم من الانتباه من الغفلة والجهالة.
٣- لقد عطل كفار قريش مفاتيح الهداية والانتفاع بنور القرآن، وهزؤوا وسخروا من آيات الله التي تأخذ بيدهم إلى السعادة الدنيوية والأخروية.
٤- احتج المعتزلة على حدوث القرآن بقوله تعالى: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ.. فقالوا: القرآن ذكر، والذكر محدث، فالقرآن محدث.
وأجابهم أهل السنة بأن المقصود بالإحداث: هو ما يسمع من حروف القرآن وأصواته، فهذا حادث لا شك. أما القرآن الذي هو كلام الله تعالى فهو قديم بقدم الله سبحانه وصفاته الحسنى.
٥- طعن كفار قريش في نبوة النبي محمد صلّى الله عليه وسلم بأمرين:
أحدهما- أنه بشر مثلهم.
والثاني- أن الذي أتى به سحر.
وكلا الطعنين مردود لأن النبوة تثبت بالمعجزات والدلائل، لا بالصور، فكونه بشرا لا يمنع نبوته، ولو بعث إليهم الملك لما علم كونه نبيا لمجرد صورته، بل الأولى أن يكون المبعوث إلى البشر بشرا لأن الإنسان يأنس بأمثاله، وهو أقرب إلى قبول الشيء من أشباهه.
ثم إن ما أتى به الرسول صلّى الله عليه وسلم من القرآن وغيره لا تمويه فيه ولا تلبيس، وليس فيه شيء من ظواهر السحر، فقد تحداهم صلّى الله عليه وسلم بالقرآن، وهم أرباب الفصاحة والبلاغة، فلو قدروا على المعارضة لأتوا بما يشبه القرآن، فلما لم يأتوا بمثله، دل ذلك على كونه معجزة في نفسه.
٦- الحق أن قلوب الكفار ساهية معرضة عن ذكر الله، متشاغلة عن التأمل