نفسه تعالى، وقوله: مُسْتَمِعُونَ أي سامعون ما يقولون وما يجاوبون، وإنما أراد بذلك تقوية قلبيهما، وأنه يعينهما ويحفظهما.
فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا: إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ، أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ أي فاذهبا إلى فرعون، فقولا له بلين ورفق: إننا رسولا ربّ العالمين أرسلنا الله لك ولقومك أي أرسل كلا منا إليك، فأطلق حرية بني إسرائيل، ليعبدوا ربّهم في أرض الله الواسعة، ويعودوا معنا إلى الأرض المقدسة:
فلسطين.
وجاء لفظ الرسول هنا مفردا، وفي آية أخرى مثنى إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ [طه ٢٠/ ٤٧] لأن الرسول يطلق على الواحد وغيره، لأنه اسم جنس، أو لأنه بمعنى الرسالة، أي إنا ذوا رسالة ربّ العالمين، أو لأنهما على شريعة واحدة وإخوة كأنهما رسول واحد، أو كل واحد منا رسول.
فأعرض عنهما فرعون، ونظر إلى موسى وأجابه بازدراء وتقريع معاتبا إياه بأمرين:
الأول:
قالَ: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً، وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ؟ أي في الكلام حذف، وهو أنهما أتياه وقالا ما أمر الله به، فعند ذلك قال فرعون:
ما هذا هو المؤمل منك، أأنت الذي ربيناك صغيرا في بيوتنا وعلى فراشنا، ولم نقتلك من جملة من قتلنا، وأنعمنا عليك مدة من السنين- قيل: لبث عندهم ثلاثين سنة- ثم تقابل الإحسان بكفر النعمة، وتبادرنا بما تقول؟ ومتى كان هذا الذي تدعيه؟