للأنبياء، علما بأن فرعون لم يقل لموسى: وما ربّ العالمين إلا وقد دعاه موسى إلى طاعة رب العالمين، بدليل ما تقدم من قوله: أْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا: إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ.
التفسير والبيان:
هذه مناظرة بين موسى وفرعون حول الإله، فلما قال موسى وهارون لفرعون: إنا أرسلنا إليك من رب العالمين لهدايتك إلى الحق وتوحيد الله، وتفوّقا عليه بالحجة، لجأ إلى المعارضة، وأصرّ على جحوده وتمرده وطغيانه، فقال:
قالَ فِرْعَوْنُ: وَما رَبُّ الْعالَمِينَ أي قال فرعون لموسى: وما حقيقة رب العالمين الذي أرسلك؟ ومن هذا الذي تزعم أنه رب العالمين غيري؟ وسبب السؤال أنه كان يقول لقومه: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [القصص ٢٨/ ٣٨] فجحدوا الإله الصانع جلّ وعلا، واعتقدوا أنه لا رب لهم سوى فرعون.
فأجابه موسى عليه السلام:
قالَ: رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ أي قال موسى: هو خالق ومالك السموات والأرض وما فيهما من كواكب ونجوم، وبحار وجبال وأنهار وأشجار، وإنسان وحيوان ونبات، وما بينهما من الهواء والطير وما يحتوي عليه الجو، إن كانت لكم قلوب موقنة، وأبصار نافذة، الجميع عبيد له، خاضعون ذليلون، خلق الأشياء كلها، وهو المتصرف فيها. أو إن كنتم موقنين بإسناد هذه المحسوسات إلى موجود واجب الوجود لذاته، فاعرفوا أنه هو الله، وأنه لا يمكن تعريفه إلا بآثاره. ونظير الآية قوله: قالَ: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى قالَ: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [طه: ٢٠/ ٤٩- ٥٠].