قُلْ: أَنْزَلَهُ رد عليهم. السِّرَّ الغيب، أي أعجزكم جميعا بفصاحته وتضمنه أخبارا عن مغيبات مستقبلة، وأشياء خفية لا يعلمها إلا عالم الأسرار، فكيف تجعلونه أساطير الأولين؟! إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً أي إنه تعالى كان وما يزال غفورا للمؤمنين رحيما بهم، ولا يعجّل أيضا في عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته على العقاب، واستحقاقكم إنزال العذاب.
سبب النزول:
قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث، فهو الذي قال هذا القول. وعنى بقوله تعالى: وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ عدّاس مولى حويطب بن عبد العزّى، ويسار غلام عامر بن الحضرمي، وجبر مولى عامر أو أبو فكيهة الرومي، وكان هؤلاء الثلاثة من أهل الكتاب، وكانوا يقرءون التوراة ويحدثون أحاديث منها، فلما أسلموا، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يتعهدهم، قال النضر ما قال. فرد الله تعالى عن هذه الشبهة بقوله: فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً.
المناسبة:
بعد أن تكلم سبحانه أولا في التوحيد، وثانيا في الرد على عبدة الأوثان، تكلم ثالثا في النبوة، وذكر مطاعن المشركين: طعنهم في القرآن، وطعنهم في نبوة النبي محمد صلّى الله عليه وسلم الذي نزل عليه القرآن.
التفسير والبيان:
ذكر الله تعالى في هذه الآيات شبهتين من شبهات المشركين الواهية التي تدل على سخافة عقولهم وجهلهم، فقال:
الشبهة الأولى:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ، وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ أي وقال هؤلاء الجهلة من الكفار: ما هذا القرآن إلا كذب واختلاق، اختلقه