لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ إنما جمع قَلِيلُونَ وإن كان لفظ لَشِرْذِمَةٌ مفردا، حملا على المعنى لأن الشرذمة جماعة من الناس، موافقة لرؤوس الآي، ولو أفرد لكان جائزا حملا على اللفظ.
كَذلِكَ فيه ثلاثة أوجه: النصب بفعل مقدر أي أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفنا. والجر على أنه وصف لمقام، أي مقام مثل ذلك المقام الذي كان لهم، والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي الأمر كذلك. مُشْرِقِينَ حال لقوم فرعون.
فَانْفَلَقَ معطوف على جملة فعلية محذوفة، تقديرها: ضرب البحر فانفلق، ويجوز حذف الجملة الفعلية، كما يجوز حذف الجملة الاسمية، كقولهم: زيد أبوه منطلق وعمرو، أي وعمرو أبوه منطلق، مثل: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ أي واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر.
البلاغة:
فَانْفَلَقَ إيجاز بالحذف، أي فضرب البحر فانفلق.
كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ تشبيه مرسل مجمل، ذكرت أداة الشبه وحذف وجه الشبه، أي كالجبل في رسوخه وثباته.
المفردات اللغوية:
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أي بعد سنين أقامها في مصر يدعو شعبها بآيات الله إلى الحق، فلم يزيدوا إلا عتوا وفسادا وإعراضا. أَنْ أَسْرِ أي سر بهم ليلا، وأسر: من سرى بمعنى أسرى:
سار ليلا، وقد أمر موسى بالتوجه إلى البحر. إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ يتبعكم فرعون وجنوده، وهو علة الأمر بالإسراء، فإذا اتبعوكم مصبحين قبل وصولكم إلى البحر أنجيكم وأغرقهم، إذ إنهم يسيرون وراءكم، ويدخلون في مساركم في البحر. فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ حين أخبر بسيرهم. فِي الْمَدائِنِ قيل: كان له ألف مدينة، واثنا عشر ألف قرية. حاشِرِينَ جامعين العساكر ليتبعوهم.
لَشِرْذِمَةٌ طائفة. قَلِيلُونَ قللهم بالنظر إلى كثرة جيشه، قيل: كان بنو إسرائيل ست مائة وسبعين ألفا، ومقدمة جيش فرعون سبع مائة ألف، كل رجل على حصان، وعلى رأسه خوذة، أما الجيش فهو مليون وخمس مائة ألف، والتحديد بهذه الأعداد محل نظر لم يثبت، والظاهر أنه من مجازفات بني إسرائيل. وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ أي لفاعلون ما يغيظنا. وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ وإنا لجميع مستعدون في حذر وحزم في الأمور. وقرئ: حذرون أي متيقظون.
فَأَخْرَجْناهُمْ أي فرعون وقومه من مصر ليلحقوا موسى وقومه، أي هيأنا في أنفسهم دواعي الخروج وحملناهم عليه. جَنَّاتٍ بساتين كانت على جانبي النيل. وَعُيُونٍ أنهار


الصفحة التالية
Icon