قال مجاهد وقتادة: اللسان الصدق: يعني الثناء الحسن.
وقد اتفقت الملل على محبة إبراهيم عليه السلام وجعله قدوة في الدين.
وبعد أن طلب سعادة الدنيا، طلب ثواب الآخرة، فقال:
٤- وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ أي واجعلني من أهل الجنة الذين يتمتعون بخيراتها ونعيمها، كما يتمتع الوارث بإرث غيره في الدنيا.
وبعد أن طلب لنفسه السعادة الدنيوية والأخروية طلبها لأبيه ولي نعمته وسبب وجوده، فقال:
٥- وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ كما قال: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ [إبراهيم ١٤/ ٤١] أي اغفر له ذنوبه ووفقه للتوبة والإسلام، فإنه ضالّ عن طريق الهدى والحق، أي إنه مشرك. وهذا وفاء بما وعده من قبل، وقبل أن يتبين أنه عدو لله، كما قال تعالى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ، تَبَرَّأَ مِنْهُ، إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة ٩/ ١١٤].
ثم طلب الستر التام في الآخرة فقال:
٦- وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ أي لا تفضحني بعتاب على ما فرطت، أو بنقص منزلة عن وارث، وأجرني من الخزي والهوان يوم القيامة ويوم يبعث الخلائق أولهم وآخرهم. وهذا مبالغة منه صلّى الله عليه وسلم في تحري الكمال والسلامة والنجاة، في يوم شديد الأهوال، وصفه فقال:
يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ أي ذلك اليوم الذي لا يقي المرء من عذاب الله ماله، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا، ولا أولاده ولو افتدى بمن على الأرض جميعا، وإنما ينفع يومئذ الإيمان بالله تعالى،