ويكسرونها، وهو مثل قولهم: لا أرينك هاهنا. وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أنهم يحطمونكم، إذ لو شعروا لم يفعلوا، كأنها شعرت عصمة الأنبياء من الظلم والإيذاء. وقد نزل النمل منزلة العقلاء، في الخطاب بخطابهم.
فَتَبَسَّمَ سليمان. ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها تعجبا من تحذيرها واهتدائها إلى مصالحها أو سرورا بما خصه الله به من إدراك همسها وفهم غرضها. أَوْزِعْنِي ألهمني. وَعَلى والِدَيَّ أدرج في دعائه ذكر والديه تكثيرا للنعمة أو تعميما لها، فإن النعمة عليهما نعمة عليه، والنعمة عليه يرجع نفعها إليهما. وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ تماما للشكر واستدامة للنعمة. فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ أي أدخلني في عدادهم الجنة، وهم الأنبياء والأولياء.
المناسبة:
هذه قصة ثانية بعد قصة موسى عليه السلام تبين آثار حكمة الله، وتعليمه، وإنزال القرآن، وأنه من حكيم عليم، ففيها يخبر الله تعالى عما أنعم به على داود وسليمان من النعم الجليلة والصفات الجميلة، وما جمع لهما من سعادة الدنيا والآخرة بإيتاء النبوة والملك معا.
التفسير والبيان:
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً، وَقالا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أي ولقد أعطينا كلا من داود وابنه سليمان طائفة من العلم هو علم الشرائع والأحكام والقضاء بين الناس، وعلمنا داود صنعة دروع الحرب، وعلمنا سليمان منطق الطير، فشكرا الله تعالى على نعمه، وقالا: الحمد لله الذي فضّلنا على كثير من العباد المؤمنين بهذه العلوم والمعارف الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، ولم يؤتهم مثلنا.
وهذا دليل على فضل العلم الذي لم يكن الملك إلا دونه، وعلى رفع مرتبة العلم والعلماء، كما قال سبحانه: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ، وَالَّذِينَ أُوتُوا