وقصّروا عنها، وأتوا ما أتوا بغير نية منها، ولم يقصدوا وجه الله في القضاء بها، فلم يرتدع الخلق بها.
ولو حكموا بالعدل، وأخلصوا النية، لاستقامت الأمور، وصلح الجمهور «١».
٨- ما حكاه تعالى من قول النملة: وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ حسن اعتذار، وبيان عدل سليمان ورأفته وتدينه وفضله وفضل جنوده، فهم لا يحطمون نملة أو لا يدوسون على نملة فما فوقها إلا خطأ غير مقصود لا يشعرون به. وقد قيل: إن تبسم سليمان سرور بهذه الكلمة منها، ولذلك أكد التبسم بقوله ضاحِكاً إذ قد يكون التبسم من غير ضحك ولا رضا، وتبسم الضحك إنما هو عن سرور، وسرور النبي بأمر الآخرة والدين، لا بأمر الدنيا.
٩- أفهم الله تعالى النملة هذا الكلام لتكون معجزة لسليمان عليه السلام.
١٠- أودع الله في كل حيوان غرائز معينة، يهتدي بها إلى ما ينفعه، ويمتنع بها عما يضره. ومن درس طبائع الحيوانات وعرف خصائصها، أدرك فيها عجائب مثيرة، وإلهامات غريبة، وذلك يدعو إلى الإيمان بالله الخالق الموجد الملهم، وسبحانه أبدع كل شيء، وأحسن كل شيء خلقه. وقد أجاب موسى عليه السلام فرعون حينما قال له ولأخيه هارون: قالَ: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى؟ قالَ: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ، ثُمَّ هَدى [طه ٢٠/ ٤٩- ٥٠].

(١) أحكام القرآن: ٣/ ١٤٣٨.


الصفحة التالية
Icon