فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ، قالَ: أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ، فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ، بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ أي لما جاء الرسول ومعه أتباعه بالهدية إلى سليمان، لم ينظر إليها، وأعرض عنها، وقال منكرا عليهم: أتمدونني بمال؟ أي أتصانعونني بمال لأترككم على شرككم وملككم؟ إن الله تعالى أعطاني خيرا كثيرا مما أعطاكم وهو النبوة، والملك الواسع العريض، والمال الوفير، فلا حاجة لي بهديتكم، وإنما أنتم الذين تنقادون للهدايا والتحف وتفرحون بها، وأما أنا فلست طالبا للدنيا الزائلة، وإنما أطالبكم بالدخول في دين الله وترك عبادة الشمس، ولا أقبل منكم إلا الإسلام أو السيف.
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ، فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها، وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً، وَهُمْ صاغِرُونَ أي ارجع أيها المبعوث إليهم بهديتهم، فإنا سنأتينهم بجنود لا طاقة لهم بقتالهم، ولنخرجنهم من بلدتهم أذلة، وهم مهانون مدحورون، إن لم يأتوا مسلمين منقادين لله رب العالمين.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- أدب الخطاب وخصوصا في مجال الدعوة إلى الله تعالى في مكاتبات الملوك ورؤساء الدول مطلوب شرعا، لذا وصفت بلقيس كتاب سليمان عليه السلام بأنه كتاب كريم، لما تضمن من لين القول والموعظة في الدعوة إلى عبادة الله عز وجل، وحسن الاستعطاف والاستلطاف من غير أن يتضمن سبّا ولا لعنا، ويؤيده قول الله عز وجل إلى نبيه صلّى الله عليه وسلم: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل ١٦/ ١٢٥] وقوله لموسى وهارون: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه ٢٠/ ٤٤].