نَكِّرُوا لَها عَرْشَها غيروه أي بتغيير هيئته وشكله بزيادة أو نقص وغير ذلك أَتَهْتَدِي إلى معرفته لا يَهْتَدُونَ إلى معرفته، قصد بذلك اختبار عقلها أَهكَذا عَرْشُكِ أمثل هذا عرشك كَأَنَّهُ هُوَ أي فعرفته، ولم تقل: هو، لاحتمال أن يكون مثله، وذلك من كمال عقلها، فشبّهت عليهم كما شبهوا عليها.
وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ هذا من كلام سليمان وقومه، وهو معطوف على محذوف تقديره: قد أصابت في جوابها، وهي عاقلة لبيبة، وقد رزقت الإسلام، ثم قالوا: ونحن أوتينا العلم بالله وبقدرته قبل علمها وكنا منقادين لحكمه، ويكون غرضهم من ذلك شكر الله تعالى في أن خصهم بمزية التقدم في الإسلام. ويصح أن يكون من تتمة كلام بلقيس، متصلا بقوله كَأَنَّهُ هُوَ والمعنى: وأوتينا العلم بالله وبصحة نبوة سليمان قبل هذه المعجزة، أو قبل هذه الحالة بما تقدم من الآيات، وكنا خاضعين منقادين لله عز وجل. ثم إن قوله: وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية من كلام رب العزة. ومعنى صَدَّها أي منعها عن عبادة الله مِنْ دُونِ اللَّهِ أي غيره إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ على قراءة كسر إنها يكون المعنى: صدها أي منعتها عبادة الشمس عن عبادة الله، وإنها من قوم كافرين، فهو استئناف وابتداء كلام جديد، وعلى قراءة الفتح أنها يكون المعنى: صدّها نشوؤها بين أظهر الكفار، أو تعليل لما سبق، أي: لأنها.
َّرْحَ
القصر وكل بناء عال جَّةً
ماء مجتمعا كثيرا كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها
لتخوضه، روي أن أرضية القصر أو صحنه بني من زجاج أبيض شفاف، وأجري تحته ماء عذب، فيه سمك، ووضع سليمان سريره في صدر الصرح، وجلس عليه، فلما أبصرته ظنته ماء راكدا، فكشفت عن ساقيها.
ْحٌ مُمَرَّدٌ
أملس نْ قَوارِيرَ
من زجاج الَتْ: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي
أي فلما دعاها إلى الإسلام، اعترفت بظلمها نفسها بعبادة غير الله وأسلمت لله كائنة مع سليمان، أي خضعت.
المناسبة:
بعد أن رجعت الرسل بهديتها إلى الملكة بلقيس، وأخبروها بما قال سليمان، أخبرت قومها بمضمون رأيها السابق وأنه لا طاقة لهم بمواجهة سليمان وجنوده، ثم استجابت لطلبه، وأقبلت هي وقومها تسير إليه في جنودها معظمة سليمان، ناوية متابعته في الإسلام، فسرّ سليمان عليه السلام بقدومهم عليه، ووفودهم إليه، وبعث الجن يأتونه بأخبارهم.