البيوت من ظهورها حال الإحرام. ثم إنه بعد الأمر بالتقوى ذكر أشدّ أقسام التقوى وأشقها على النفس.
مشروعية القتال:
كان القتال قبل الهجرة محظورا بآيات كثيرة، منها: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فصلت ٤١/ ٣٤]، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة ٥/ ١٣]، وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل ١٦/ ١٢٥]، فَإِنْ تَوَلَّوْا، فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النحل ١٦/ ٨٢]، وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا: سَلاماً [الفرقان ٢٥/ ٦٣]، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية ٨٨/ ٢٢]، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق ٥٠/ ٤٥]، قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا: يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ [الجاثية ٤٥/ ١٤].
ثم نسخ الله وجوب هذا كله في المدينة بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة ٩/ ٥]، وقوله: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ [التوبة ٩/ ٢٩].
وأما أوّل آية نزلت في الإذن بالقتال، فهي كما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، إِلَّا أَنْ يَقُولُوا: رَبُّنَا اللَّهُ [الحج ٢٢/ ٣٩- ٤٠].
وروي عن جماعة من الصحابة والربيع بن أنس وغيره «١» أن أول آية نزلت في الإذن بالقتال هي: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ
وهذا رأي أكثر علماء التفسير «٢».

(١) قال القرطبي وأبو حيان وغيرهما: وأكثر الرواة على هذا.
(٢) البحر المحيط: ٢/ ٦٥


الصفحة التالية
Icon