رسوله صلّى الله عليه وسلم بحمد الله تعالى على تلك النعمة، والسلام على الأنبياء كافة، لأدائهم واجب التبليغ لرسالة ربهم على أكمل وجه، ثم رد على عبدة الأوثان ببيان الأدلة المختلفة على وحدانيته وتفرده بالخلق، وقدرته، وإخلاص العبادة له.
التفسير والبيان:
قُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى يأمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلم بحمد الله وشكره على نعمه على عباده التي لا تعدّ ولا تحصى، وعلى ما اتصف به من الصفات العلا والأسماء الحسنى، وأن يسلّم على عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم لتبليغ رسالته، وهم رسله وأنبياؤه الكرام على نبينا وعليهم صلوات الله وسلامه. وأما كون الخطاب لنبينا محمد صلّى الله عليه وسلم فلأن القرآن منزل عليه، وكل ما فيه فهو مخاطب به صلّى الله عليه وسلم إلا ما لم يصح معناه إلا لغيره.
ومن تلك النعم نجاة رسله ونصرتهم وتأييدهم، وإهلاك أعدائه.
ونظير الآية قوله تعالى: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الصافات ٣٧/ ١٨٠- ١٨٢].
وهذا تعليم لنا بأن نحمد الله تعالى على جميع أفعاله، ونسلّم على عباده المصطفين الأخيار.
آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أي هل الله الذي يتصف بالعظمة والقدرة التامة خير أم ما يشركون به من الأصنام؟ وهذا استفهام إنكار على المشركين في عبادتهم مع الله آلهة أخرى، وتبكيت لهم، وتهكم بحالهم لإيثارهم عبادة الأصنام على عبادة الله تعالى. والمقصود به التنبيه على نهاية ضلالهم وجهلهم، علما بأنه لا خير أصلا فيما أشركوه حتى يوازن بينه وبين من هو خالق كل خير ومالكه، وإنما كانت الموازنة بحسب اعتقادهم وجود منفعة في آلهتهم المزعومة.