ونجاة موسى عليه السلام مع قومه، ونصره على الطغاة وإغراقهم، كما ذكر الله قصة قارون الباغية وعقابه بالخسف.
وفي هذه السورة ذكر الله قصة المسلمين في مكة الذين فتنهم المشركون عن دينهم، وعذبوهم على الإيمان بنحو أقل من تعذيب فرعون بني إسرائيل، حثا لهم على قوة التحمل والصبر، وتسلية لهم بما وقع لمن قبلهم، ثم ذكر نجاة نوح عليه السلام في سفينته مع جند الإيمان، وإغراق قومه الذين كذبوه.
كما أن بين السورتين تشابها في الإشارة إلى موضوع الهجرة، ففي خاتمة القصص الإشارة إلى هجرة النبي صلّى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ وفي خاتمة هذه السورة الإشارة إلى هجرة المؤمنين: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ
[٥٦].
وكذلك يوجد ارتباط بين السورتين في تحديد الغاية والغرض، ففي سورة القصص بيان العاقبة المحمودة للمتقين المتواضعين: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً، وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
[٨٣] وفي هذه السورة تقرير العاقبة الحسنة للمؤمنين الذين يعملون الصالحات: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً، تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها، نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ [٥٨].
ثم إنه تعالى لما قال في آخر السورة المتقدمة: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ وأعقبه بما يبطل قول منكري الحشر: لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ رد في مطلع هذه السورة على منكري الحشر القائلين: لا فائدة في التكاليف إذ لا مرجع بعد الهلاك والزوال، ومضمون الرد أن للتكليف فائدة وهي أن يثيب الله الشكور ويعذب الكفور.