المسؤولية عظم قدر المسؤول، وكلما أهملت المسؤولية أو التبعة أهمل المسؤول، فالتكليف دليل التكريم، وهو رمز الشخصية وإثبات الذات، ولا طعم للحياة دون عمل وتكليف لأن لذة الحياة ومتعتها أن يعمل الإنسان لغاية وهدف معين، وإلا كان الأمر عبثا موقعا في السأم والحيرة، فالحمد لله على التكليف، والشكر له على الابتلاء والاختبار، ليتميز العامل من العابث، والملتزم المتقن من المتسيب الذي لا يبالي بشيء.
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا؟ ساءَ ما يَحْكُمُونَ أي بل أظن الذين يقترفون المعاصي أن يفوتونا فلا نجازيهم؟ لن يفلتوا من عذابنا، بئس ما يظنون، وبئس الحكم ما حكموا بأن يعصوا ويخالفوا أمر الله، ولا يعاقبون، إنه حكم مغلوط سيء رديء، يتنافى مع مقتضى العقل والشرع والعدل.
قال ابن عباس: يريد الوليد بن المغيرة، وأبا جهل والأسود، والعاص بن هشام، وعتبة والوليد بن عتبة، وعقبة بن أبي معيط، وحنظلة بن أبي سفيان، والعاص بن وائل.
وبعد بيان أن من ترك التكليف عذّب، بيّن سبحانه أن من آمن بالآخرة وعمل لها، يجد ثواب عمله فقال:
مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ، فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أي من كان يتوقع الخير ويطمع ويأمل في ثواب الله الجزيل في الدار الآخرة، ويعمل صالحا، فإن الله سيحقق له رجاءه، ويوفيه عملا كاملا غير منقوص، فإن وقت البعث والحياة الثانية بالحشر كائن لا محالة، والله سميع الدعاء وجميع أقوال عباده لا يخفى عليه منهم شيء، عليم بصير بكل الكائنات، يعلم عقائدهم وأعمالهم، ويجازي كل واحد بما عمل. وهذا دليل على تأكد حصول الوعد