وقد ذكر الله في الآية نوعين من أعمال العبد: الإيمان والعمل الصالح، وذكر في مقابلتهما من أفعال الله أمرين: تكفير السيئات وهو في مقابلة الإيمان، والجزاء بالأحسن وهو في مقابلة العمل الصالح.
وهذا كما قال الرازي يقتضي أمورا ثلاثة:
الأول- المؤمن لا يخلد في النار لأنه بإيمانه تكفر سيئاته، فلا يخلد في النار.
الثاني- الجزاء الأحسن المذكور هنا غير الجنة لأن المؤمن بإيمانه يدخل الجنة، ولا يبعد أن يكون الجزاء الأحسن هو رؤية الله عز وجل.
الثالث- الإيمان يستر قبح الذنوب في الدنيا، فيستر الله عيوبه في الأخرى، والعمل الصالح يحسّن حالة صاحبه في الدنيا، فيجزى الجزاء الأحسن في العقبى، والإيمان لا يبطله العصيان، بل هو يغلب المعاصي ويسترها، ويحمل صاحبها على الندم «١».
١٣- أجمل الله حال المسيء بقوله: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ.. إشارة إلى التعذيب، وحال المحسن بقوله: وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ ثم فصل حال المحسن بآية: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ.. ليكون ذلك إشارة إلى أن رحمته أتم من غضبه، وفضله أعم من عدله.