[الصافات ٣٧/ ٩٧- ٩٨]، وقال سبحانه: قالُوا: حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ. قُلْنا: يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ، وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ [الأنبياء ٢١/ ٦٨- ٧٠].
ثم ذكر الله تعالى جواب إبراهيم لقومه بعد النجاة من النار:
وَقالَ: إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا أي قال إبراهيم لقومه مقرعا لهم، وموبخا على سوء صنيعهم بعبادة الأوثان: إنما اتخذتم هذه الأوثان لتجتمعوا على عبادتها، ولتتواددوا بينكم، وتقووا الصداقة والألفة بين بعضكم بعضا في حياتكم الدنيا، كاتفاق أهل المذاهب والأهواء على رابطة بينهم تكون سبب تجمعهم وتآلفهم، ولكن تلك الأوثان لا تعقل ولا تنفع ولا تضر، وإنما يكون اتخاذكم هذا لتحصيل المودة لكم في الدنيا فقط.
وستكون حالهم من التنافر والتباعد في الآخرة نقيض ذلك، فقال تعالى:
ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ، وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَمَأْواكُمُ النَّارُ، وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ أي ثم تنعكس هذه الحال يوم القيامة، فتنقلب هذه الصداقة والمودة بغضا وحقدا وعداوة، فيتبرأ القادة من الأتباع، ويلعن الأتباع القادة، كما قال تعالى: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها [الأعراف ٧/ ٣٨]، وقال سبحانه: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف ٤٣/ ٦٧] ثم يكون مصيركم إلى النار، ولن تجدوا حينئذ ناصرا ينصركم، ولا منقذا ينقذكم من عذاب الله تعالى.
هذا حال الكافرين، أما المؤمنون فبخلاف ذلك، يتصافون ويصفحون، ويعفو بعضهم عن بعض، كما ورد في بعض الأحاديث.
ثم ذكر تعالى أنه لم يؤمن بإبراهيم ولم يصدق بما رأى إلا لوط فقال: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ، وَقالَ: إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أي فلما نجا إبراهيم


الصفحة التالية
Icon