أما جمهور المفسرين فقالوا: معناه كانوا خاطئين فيما كانوا عليه من الكفر والظلم، فعاقبهم الله تعالى بأن ربي عدوهم ومن هو سبب هلاكهم على أيديهم، كما ذكرنا.
وأما سبب عدم قتله فهو تشفع امرأة فرعون له، فقال تعالى:
وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ: قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ، لا تَقْتُلُوهُ أي قالت زوجة فرعون له: هو قرة عين لنا أي يكون لنا سلوى، وتقرّ به عيوننا، وتفرح به نفوسنا، فلا تقتلوه، لأن الله تعالى ألقى عليه المحبة، فكان يحبه كل من شاهده عليه السلام، كما قال سبحانه: إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى، أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ، فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ، فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي، وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي [طه ٢٠/ ٣٨- ٣٩].
وكما هو مصدر سرور وسكن وسلوى قد يكون نافعا:
عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أي لعله يكون سببا للنفع والخير، لما رأيت فيه من مخايل اليمن وأمارات النجابة، أو نتخذه ولدا ونتبناه، لما يتمتع به من الوسامة والجمال، ولم يكن لها ولد من فرعون، فحقق الله أملها بأن هداها به وأسكنها الجنة بسببه، ولكن لا يشعر فرعون وقومه أن هلاكهم بسببه وعلى يده، وأنه سيظهر على يديه من الحكمة والحجة ومعجزة النبوة ما سيكون سببا في تكذيبهم له، مما يؤدي إلى هلاكهم، فالله تعالى وحده عالم الغيب والشهادة، ينصر رسله، ويؤيد دينه، ويخذل أعداءه، ليكون ذلك عبرة وعظة للمؤمن والكافر.
وإذا كان الفرح غمر قلب آسية امرأة فرعون، فإن الوساوس والهواجس ألمت بقلب أمه، فقال تعالى:


الصفحة التالية
Icon