على نفسه، مع علمه بأنه قد غفر له، حتى إنه في القيامة يقول: إني قتلت نفسا لم أومر بقتلها. وكان ذلك القتل قبل النبوة، كما عرفنا.
والقتل الخطأ ذنب، بدليل إيجاب الكفارة عليه في شرعنا، ولأنه لا يخلو عن إهمال أو تقصير أو تجاوز الحدود المألوفة، قال تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً، وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء ٤/ ٩٢].
٣- كان من توابع توبة موسى عليه السلام من فعله أنه أقسم بما أنعم الله عليه ألا يظاهر ولا يعاون مجرما.
ويصح أن يكون قوله: رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ استعطافا كأنه قال: رب اعصمني بحق ما أنعمت علي من المغفرة أو غيرها من النعم كالمعرفة والحكمة والتوحيد، فلن أكون إن عصمتني ظهيرا (معينا) للمجرمين.
٤- دلت آية فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ على أنه لا يجوز معاونة الظلمة والفسقة. قال عطاء: فلا يحل لأحد أن يعين ظالما، ولا يكتب له، ولا يصحبه، وأنه إن فعل شيئا من ذلك فقد صار معينا للظالمين.
وفي الحديث: «ينادي مناد يوم القيامة: أين الظلمة وأشباه الظلمة وأعوان الظلمة، حتى من لاق لهم دواة، أو برى لهم قلما؟ فيجمعون في تابوت من حديد، فيرمى به في جهنم».
وفي حديث آخر رواه الديلمي عن معاذ: «من مشى مع ظالم فقد أجرم»
ويروى أيضا عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «من مشى مع مظلوم ليعينه على مظلمته، ثبّت الله قدميه على الصراط يوم القيامة يوم تزلّ فيه الأقدام، ومن مشى مع ظالم ليعينه على ظلمه، أزلّ الله قدميه على الصراط يوم تدحض فيه الأقدام».
٥- دل قوله تعالى: فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً على أن الخوف غريزة