فهدّأ الحق تعالى روعه قائلا:
يا مُوسى، أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ، إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ أي يا موسى ارجع إلى مكانك أو مقامك الأول، ولا تخف من الحية أو الثعبان، فأنت آمن من كل سوء.
ثانيا- اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أي أدخل يدك في جيب أو فتحة قميصك العليا من جهة الرأس، ثم أخرجها، تخرج تتلألأ، ولها شعاع، كأنها قطعة قمر، من غير عيب ولا برص فيها.
وإزالة لخوفه من الآيتين المعجزتين السابقتين قال تعالى له:
وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ أي وضع يدك على صدرك، يذهب عنك ما تجده من الخوف، فكان إذا خاف من شيء ضم إليه يده، فإذا فعل ذلك ذهب ما طرأ عليه من الخوف. وقوله: مِنَ الرَّهْبِ أي من أجل الرهب.
وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء، فوضع يده على فؤاده، فإنه يزول عنه ما يجده أو يخيفه، إن شاء الله تعالى، وبه الثقة سبحانه.
قال ابن عباس: كل خائف إذا وضع يده على صدره، زال خوفه.
فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ أي فتلك الآيتان المعجزتان وهما إلقاء العصا وجعلها حية تسعى، وإدخال يدك في جيبك، فتخرج بيضاء من غير سوء، هما دائما دليلان قاطعان واضحان على قدرة الله وصحة نبوتك، يؤيدانك في رسالتك إلى فرعون وقومه من الرؤساء والكبراء والأتباع، إنهم قوم خارجون عن طاعة الله، مخالفون لأمره ودينه، فكانوا جديرين بإرسالك إليهم مؤيدا بهاتين المعجزتين.