فصار بهذا الكلام من أصفياء الله عز وجل، لا من رسله لأنه لا يصير رسولا إلا بعد أمره بالرسالة، وقد أمر بها بعد هذا الكلام وهو: إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ أي من المرسلين لقوله تعالى: إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ وقوله إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ٥- أيده الله بمعجزتي العصا واليد، فخاف منهما لأول وهلة، ثم هدّأ الله روعه، وسكّن خوفه، وأعاده بعد الهرب إلى ساحة المناجاة مع ربه، وجعل له علاجا للخوف بضم يده إلى صدره، وكان موسى يرتعد خوفا إما من آل فرعون، وإما من الثعبان، فأوحى الله له: إذا هالك أمر يدك وشعاعها، فأدخلها في جيبك وارددها إليه تعد كما كانت.
٦- قدمنا قول ابن عباس: ليس من أحد يدخله رعب بعد موسى عليه السلام، ثم يدخل يده، فيضعها على صدره إلا ذهب عنه الرعب. وهكذا تكون محن الأنبياء عليهم السلام دائما فرجا ومخرجا للأمة. وبه تبين الهدف من قوله:
اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ وهو خروج اليد بيضاء، ومن قوله: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ وهو إخفاء الرهب.
وقد تساءل الزمخشري ثم الرازي بقوله: قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموما: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ وفي الآخرة مضموما إليه: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ والجواب أن المراد بالجناح المضموم هو اليد اليمنى، وبالمضموم إليه اليد اليسرى، وكل من اليدين جناح «١».