والقلب: المضغة الصنوبرية في داخل التجويف الصدري، وهو محل الخطرات والوساوس، ومكان الكفر والإيمان، وموضع الإصرار والإنابة، ومحل الانزعاج والطمأنينة. والجعل: الخلق. وفائدة ذكر الجوف كفائدة ذكر الصدر في قوله: الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج ٢٢/ ٤٦] ليحصل للسامع زيادة التصور، والإسراع في الإنكار.
وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ أي وما جعل الزوجات المظاهر منهن كالأمهات في الحرمة، بأن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فذلك كذب موجب العقوبة، كما قال تعالى: ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ، إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ، وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً.. [المجادلة ٥٨/ ٢].
وكان حكم الظهار في الجاهلية طلاقا يفيد التحريم المؤبد، فجعل الإسلام الحرمة مؤقتة، تزول بالكفارة (تحرير رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا قبل الجماع) كما جاء في أوائل سورة المجادلة، لتحريم ما أحل الله تعالى.
وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ أي وما جعل الله المدّعى بنوتهم بالتبني أبناء في الحقيقة، فهم أبناء آبائهم الحقيقيين، والتبني حرام، وهذا أيضا إبطال لما كان عليه العرب في الجاهلية وصدر الإسلام من جعل الابن بالتبني كالابن النسبي.
وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد إعتاق زيد بن حارثة مولاه قد تبناه قبل النبوة، فكان يقال له زيد بن محمد، وتبنى الخطّاب عامر بن أبي ربيعة، وأبو حذيفة سالما، وكثير من العرب تبنى ولد غيره.
والخلاصة: أجمع أهل التفسير على أن هذه الآية نزلت في زيد بن حارثة.
وقد أبطل الله هذا الإلحاق الوهمي وهذا النسب المزعوم بهذه الآية، وبقوله


الصفحة التالية
Icon