فتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو عندها، فأعجب النبي صلّى الله عليه وسلّم ظرفه، فاستوهبه منها، فقالت: أهبه لك، فإن أردت عتقه، فالولاء لي، فأبى عليها عليه الصلاة والسلام، فوهبته له، إن شاء أعتق، وإن شاء أمسك.
قال: فشب عند النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم إنه خرج في إبل لأبي طالب بأرض الشام، فمرّ بأرض قومه، فعرفه عمه، فقام إليه، فقال: من أنت يا غلام؟ قال: غلام من أهل مكة، قال: من أنفسهم؟ قال: لا، قال: فحرّ أنت أم مملوك؟ قال:
بل مملوك، قال: لمن؟ قال: لمحمد بن عبد المطلب، فقال له: أعربي أنت أم عجمي؟ قال: عربي، قال: ممن أصلك؟ قال: من كلب، قال: من أي كلب؟ قال: من بني عبد ودّ، قال: ويحك، ابن من أنت؟ قال: ابن حارثة بن شراحيل. قال: وأين أصبت؟ قال: في أخوالي، قال: ومن أخوالك؟ قال: طي، قال: ما اسم أمك؟ قال: سعدى، فالتزمه، وقال:
ابن حارثة.
ودعا أباه، فقال: يا حارثة، هذا ابنك، فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه، قال: كيف صنع مولاك إليك؟ قال: يؤثرني على أهله وولده، فركب معه أبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له حارثة:
يا محمد، أنتم أهل حرم الله وجيرانه وعند بيته، تفكّون العاني، وتطعمون الأسير، ابني عندك، فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه، فإنك ابن سيد قومك، وإنا سنرفع إليك في الفداء ما أحببت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أعطيكم خيرا من ذلك، قالوا: وما هو؟ قال: أخيّره، فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن اختارني فكفوا عنه.
فقالوا: جزاك الله خيرا، فقد أحسنت. فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال:
«يا زيد، أتعرف هؤلاء» ؟ قال: نعم. هذا أبي وعمي وأخي، فقال صلّى الله عليه وسلّم: