القطع بحل المرأة التي اختارت الدنيا من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد نزول آية التخيير الآتية.
ثم بيّن الله تعالى بقوله: وَأُولُوا الْأَرْحامِ حكم الميراث، وبقوله:
إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ حكم الوصية، ليبين الفرق بين ولاية النبي صلّى الله عليه وسلّم للمؤمنين، وولاية المؤمنين لأقاربهم، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم لا يورث، فلا توارث بينه وبين أقاربه، لولايته العامة، والمؤمنون يرث بعضهم من بعض إذا كانوا ذوي قرابة، وهم أولى ببعضهم في النفع بميراث وغيره، إلا في حال بر صديق أو محتاج بالوصية، فيصير أولى من قريبه، فتقطع الوصية الإرث، فقال:
وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ أي وذوو القرابات مطلقا، سواء أكانوا أصحاب فروض أم عصبات أم ذوي أرحام أولى بمنافع بعضهم بالتوارث وغيره من بقية المؤمنين المهاجرين والأنصار، أي بحق الدين وهو الإيمان، أو بحق الهجرة، وذلك في فرض الله وشرعه وما كتبه على عباده، أو في القرآن، أو في اللوح المحفوظ.
وقوله: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ كما ذكر الزمخشري إما بيان راجع لأولي الأرحام (أي الأقرباء) والمعنى: وأولو القرابة من المؤمنين والمهاجرين بعضهم أولى بنفع بعض أو بميراثه من الأجانب. وإما لابتداء الغاية، والمعنى:
وأولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الولاية في الدّين، ومن المهاجرين بحق الهجرة «١». وعلى هذا المعنى الثاني وهو المشهور تكون الآية إبطالا لما كان في بدء الإسلام من التوارث بالحلف والمؤاخاة بين المسلمين، فكان المهاجري يرث الأنصاري، دون قراباته وذوي رحمه، بسبب الأخوّة التي
آخى بينهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد آخى بين أبي بكر رضي الله عنه وخارجة بن زيد، وآخى

(١) الكشاف: ٢/ ٥٣١


الصفحة التالية
Icon