لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ، وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً اللام في لِيَسْئَلَ قيل: إنها لام الصيرورة، أي أخذ الميثاق على الأنبياء، ليصير الأمر إلى السؤال عما فعلوا، كما قال تعالى: وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ [الأعراف ٧/ ٦].
قال الرازي: يعني أرسل الرسل، وعاقبة المكلفين إما حساب وإما عذاب لأن الصادق محاسب، والكافر معذب «١». والظاهر- كما قال أبو حيان- أنها لام التعليل، لام كي، أي بعثنا الرسل، وأخذنا عليهم المواثيق في التبليغ، لكي يجعل الله خلقه فرقتين: فرقة يسألها عن صدقها، على معنى إقامة الحجة، فتجيب بأنها قد صدقت الله في إيمانها وجميع أفعالها، فيثيبها على ذلك وفرقة كفرت، فينالها ما أعد لها من العذاب، فالصادقون المسؤولون على هذا المعنى: هم المؤمنون، والهاء في صِدْقِهِمْ عائدة عليهم، ويجوز أن يراد: وليسأل الأنبياء، أو ليسأل عن الوفاء بالميثاق الذي أخذه عليهم أو ليسأل الأنبياء عن تبليغهم الرسالة إلى قومهم، وفي هذا تنبيه: أي إذا كان الأنبياء يسألون فكيف بمن سواهم؟ «٢» أو ليسأل المبلّغين الذين بلغتهم الرسل. وعلى هذا، يكون المعنى:
وأخذنا من الأنبياء ميثاقهم في تبليغ الدعوة إلى دين الله، لكي نسأل المرسلين عن قيامهم بواجب التبليغ، ومعرفة ما أجابتهم به أممهم، ولأجل إثابة المؤمنين على إيمانهم وصدقهم، وعقاب الكافرين من أممهم المكذبين رسلهم الذين أعد الله لهم عذابا شديدا مؤلما موجعا هو عذاب جهنم. فقوله تعالى: وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ معطوف على قوله: أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:

(١) تفسير الرازي: ٢٥/ ١٩٧
(٢) البحر المحيط: ٧/ ٢١٣


الصفحة التالية
Icon