وقال القرطبي: لا فائدة في اختصاص الحصر في الإباحة للرجال دون النساء، والذي يظهر لي أنهن أمهات الرجال والنساء تعظيما لحقّهن على الرجال والنساء. يدل عليه صدر الآية: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة فيكون قوله: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ عائدا إلى الجميع «١».
٤- قوله تعالى: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ناسخ للتوارث بالحلف والمؤاخاة في الدين، وللتوارث بالهجرة لأن المراد بأولي الأرحام ذوي القرابة مطلقا أيا كان نوعهم، والمراد بالمؤمنين الأنصار، وبالمهاجرين قريشا، وقد فسر الإمام الشافعي رضي الله عنه الآية بذلك، وتبعه في هذا أبو بكر الرازي الجصاص من الحنفية. إلا أن الجصاص يرى فيها دليلا للحنفية على توريث ذوي الأرحام، لا من حيث إن الآية قد أريد منها هذا النوع الخاص من الوارثين، بل من حيث إن الآية اقتضت أن ذا القرابة مطلقا أولى من غيره، وأما تقديم بعض ذوي القرابة على بعض، فهذا له أدلته الخاصة.
ويقتضي ذلك أن يكون ذو الرحم (هو الصنف الذي يدلي إلى الميت بواسطة الأنثى) أولى من بيت المال، فتكون الآية حجة على من قدم بيت المال عليهم.
وظاهر الآية يدل على أن ذا الرحم أولى من مولى العتاقة، ويرى بعضهم أن مولى العتاقة مقدم على ذوي الأرحام، وهو أولى من الرد لأنه من العصبات، والعصبات أولى بالميراث من غيرهم،
وقد روي أن ابنة حمزة أعتقت عبدا، ومات وترك بنتا، فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم نصف ميراثه لابنته ونصفه لابنة حمزة.
ونوقش