كالحديد يطلبون الغنيمة لَمْ يُؤْمِنُوا حقيقة فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ أبطل ثمرة أعمالهم وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً أي وكان ذلك الإحباط هينا سهلا على إرادة الله، فإذا أراد شيئا كان، ولم يمنعه عنه أحد. يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ من الكفار لَمْ يَذْهَبُوا إلى مكة، لخوفهم منهم، المعنى: يظنون أن الأحزاب لم ينهزموا، وقد انهزموا، ففروا إلى داخل المدينة وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ كرة أخرى يَوَدُّوا يتمنوا بادُونَ فِي الْأَعْرابِ كائنون معهم في البادية يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ أخباركم مع الكفار، وما جرى عليكم وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ هذه الكرة ولم يرجعوا إلى المدينة ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا أي ما كان قتالهم إلا قتالا ظاهريا قليلا، رياء وخوفا من التعيير.
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قدوة صالحة، يتأسى به، كالثبات في الحرب ومقاساة الشدائد لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ أي يرجو ثواب الله أو لقاءه، ونعيم الآخرة وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً قرن بالرجاء كثرة ذكر الله المؤدية إلى ملازمة الطاعة، فإن المؤتسي بالرسول صلّى الله عليه وسلّم من كان كذلك، بخلاف غيره.
وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ من الكفار الذين تجمعوا لحرب النبي صلّى الله عليه وسلّم والقضاء عليه قالُوا: هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ من الابتلاء والنصر، بقوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ.. [البقرة ٢/ ٢١٤]
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنهم سائرون إليكم بعد تسع أو عشر» «سيشتد الأمر باجتماع الأحزاب عليكم، والعاقبة لكم عليهم».
وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ في الوعد والابتلاء وَما زادَهُمْ ذلك الذي رأوه من الخطب أو البلاء إِلَّا إِيماناً تصديقا بوعد الله وَتَسْلِيماً لأمره ومقاديره.
صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ من الثبات مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمقاتلة لإعلاء الدين قَضى نَحْبَهُ مات أو قتل في سبيل الله شهيدا، ووفّى نذره، كحمزة ومصعب بن عمير وأنس بن النضر، والنحب: النذر، فجعل كناية عن الموت مَنْ يَنْتَظِرُ الشهادة، كعثمان وطلحة وَما بَدَّلُوا العهد ولا غيروه، بخلاف حال المنافقين لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ، وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ تعليل للمنطوق وهم المؤمنون المخلصون، وللمعرّض به وهم المنافقون، فكأن المنافقين قصدوا بالتبديل عاقبة السوء، كما قصد المخلصون بالثبات والوفاء العاقبة الحسنى، لكن التوبة عليهم مشروطة بتوبتهم، والمراد به التوفيق للتوبة غَفُوراً رَحِيماً لمن تاب.
وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا الأحزاب بِغَيْظِهِمْ متغيظين لَمْ يَنالُوا خَيْراً غير ظافرين وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بالريح والملائكة وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا على إيجاد ما يريد عَزِيزاً غالبا على كل شيء ظاهَرُوهُمْ ظاهروا الأحزاب أي عاونوهم مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ يعني من بني قريظة مِنْ صَياصِيهِمْ من حصونهم، جمع صيصة وهي كل ما يتحصن به