وكبر المسلمون، ثم ضربها الثالثة، فكسرها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، فكبّر، وكبّر المسلمون، فسئل عن ذلك، فقال: ضربت الأولى، فأضاءت لي قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليهم، ثم ضربت الثانية، فأضاءت لي قصور الحمر من أرض الروم، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت الثالثة، فأضاءت لي قصور صنعاء، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، فقال المنافقون: ألا تعجبون؟
ويحدّثكم، يمنّيكم ويعدكم الباطل، ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق «١»، لا تستطيعون أن تبرزوا، فنزل القرآن: وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ: ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً.
نزول الآية (٢٣) :
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ:
أخرج مسلم والترمذي وغيرهما عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر عن بدر، فكبر عليه، فقال: أول مشهد قد شهده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غبت عنه، لئن أراني الله مشهدا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليرينّ الله ما أصنع، فشهد يوم أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية، ونزلت هذه الآية: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ الآية.
المناسبة:
بعد أن أمر الله تعالى بالتقوى بحيث لا يبقى في نفس المؤمن خوف من أحد، ذكر مثالا واقعيا من وقعة الأحزاب، حيث تجمع المشركون من قريش ومن عاونوهم من اليهود والأحباش عشرة آلاف حول المدينة بقصد القضاء على

(١) الفرق: الخوف. [.....]


الصفحة التالية
Icon