أولا- وصف الغزوة:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ، فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها، وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً أيها المؤمنون بالله ورسوله اذكروا بالشكر والحمد نعم الله التي أنعم بها عليكم حين وقعتم في حصار جنود وحشود هائلة من قريش وغطفان واليهود الذين جاؤوا لإبادتكم واستئصال شوكتكم وإنهاء وجودكم، فبعثنا عليهم ريحا باردة في ليلة شاتية، وملائكة لم تروها زلزلتهم وألقت الرعب في قلوبهم، فأكفأت القدور، وقلبت البيوت والأواني، حتى بادر رئيس كل قبيلة يقول: يا بني فلان، النجاء النجاء، وقال طليحة بن خويلد الأسدي: إن محمدا قد بدأكم بالسحر، فالنجاء النجاء، وقال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع (الخيول) والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، والله ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا، فإني مرتحل. ثم قام إلى جمله، وهو معقول، فجلس عليه، ثم ضربه، فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم.
وكان الله مطلعا عليما على جميع أعمالكم من حفر الخندق ومقاساة الشدائد، والاستعداد للقتال، والتحرز من العدو، وهو يجازيكم عليها، ولا يبخس منها شيئا.
ثم ذكّرهم بإحكام حصار الأحزاب عليهم، فقال:
إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ أي واذكروا حين جاءتكم الأحزاب من أعلى الوادي من جهة المشرق، ومن أسفل الوادي من جهة المغرب، الأولون من قريش والأحباش وبني كنانة وأهل تهامة، والآخرون من بني قريظة، كما ذكر حذيفة. وقيل: الأولون من أهل نجد وبني أسد