إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً حيث ستر ذنوبهم، ورحمهم ورزقهم الإيمان ووفقهم إلى التوبة، ولا يعاقبهم على ما مضى بعد التوبة. وهذا حث على التوبة والإيمان قبل فوات الأوان.
ونظير الآية كثير، منها: قوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ، وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [محمد ٤٧/ ٣١] وقوله عز وجل: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [آل عمران ٣/ ١٧٩].
رابعا- نهاية المعركة أو الإجلاء:
وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ، وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً أي إن الله تعالى أجلى الأحزاب عن المدينة، وردهم خائبين خاسرين مع غيظهم، لم يشفوا صدرا، ولم يحققوا أمرا، ولم ينالوا أي خير من غنيمة أو أسر أو نصر حاسم، بما أرسل عليهم من الريح الباردة والجنود الإلهية، فتفرقت جموعهم، وتشتت شملهم، ولم يحققوا خيرا لأنفسهم، لا في الدنيا من الظفر والمغنم، ولا في الآخرة من الآثام في إعلان عداوتهم للرسول صلّى الله عليه وسلّم ومبارزته، وهمهم بقتله، واستئصال زمرته وجيشه، ومن همّ بشيء، وبدأ بتنفيذ همه بالفعل، فهو في الحقيقة كالفاعل.
وكفى الله المؤمنين القتال، أي لم يحوجهم إلى قتال ومبارزة حتى يجلوا عن بلادهم، بل كفى الله وحده شرهم، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، ولهذا
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- فيما أخرجه الشيخان- يقول: «لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فلا شيء بعده».
وفي الصحيحين أيضا عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: «دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الأحزاب، فقال: اللهم منزّل الكتاب، سريع الحساب،