سبب النزول:
أخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: لما كان يوم بدر، ظهرت الروم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت الم، غُلِبَتِ الرُّومُ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب الزهري قال: بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين، وهم بمكة، قبل أن يخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيقولون: الروم يشهدون أنهم أهل كتاب، وقد غلبتهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم، فكيف غلب المجوس الروم، وهم أهل كتاب؟! فسنغلبكم كما غلب فارس الروم، فأنزل الله: الم، غُلِبَتِ الرُّومُ.
وأخرج الترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي: أن فارس غزوا الروم، فوافوهم بأذرعات وبصرى من أرض الشام، فغلبوا عليهم، وبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه وهو بمكة، فشق ذلك عليهم، من قبل أن الفرس مجوس، والروم أهل الكتاب، وفرح المشركون بمكة وشمتوا، ولقوا أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم وهم فرحون، وقالوا: إنكم أهل كتاب، والنصارى أهل كتاب، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرنّ عليكم، فأنزل الله هؤلاء الآيات.
فخرج أبو بكر رضي الله عنه إلى المشركين، فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟ فلا تفرحوا، ولا يقرّنّ الله أعينكم «١»، فو الله لتظهرنّ الروم على فارس، كما أخبرنا بذلك نبينا صلّى الله عليه وسلّم، فقام إليه أبيّ بن خلف فقال: كذبت، فقال: أنت أكذب يا عدو الله، اجعل بيننا أجلا أناحبك عليه «٢» على عشر قلائص «٣» مني، وعشر قلائص منك، فإن ظهرت الروم على فارس غرمت،

(١) لا يسرّنكم.
(٢) أراهنك.
(٣) جمع قلوص وهي الناقة الشابة الفتية.


الصفحة التالية
Icon