إن في ذلك المذكور لآيات دالة على تمام القدرة الإلهية لقوم ذوي عقول نافذة، وأفكار مبصرة، وعلوم نافعة تهديهم إلى الحق، وترشدهم إلى التفكير في المخلوقات، وتبين لهم أنها خلقت لحكمة بالغة، ومصلحة راقية، لا عبثا ولا فسادا.
وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ أي ومن علامات قدرته ورحمته تعالى التمكين من الراحة من التعب، والهدوء والاستقرار بالليل، والحركة والسعي للرزق والنشاط المتتابع في النهار، إن في ذلك المذكور لدلالات وعبرا لقوم يسمعون سماع اتعاظ وتدبر، ووعي وتفهم للحجج، يؤدي بهم إلى القناعة والاعتقاد الجازم بأن الله قادر على بعث العالم وإعادته.
ثم ذكر الله تعالى أدلة من عوارض الأكوان وتقلبات الحياة، فقال:
وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً، وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً، فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ أي ومن آياته الدالة أيضا على عظمة قدرته إراءتكم البرق، خوفا للمسافر وغيره من الصواعق المتلفة، وطمعا فيما تحبون من المطر المحتاج إليه لحياة الإنسان والحيوان والنبات، كما قال: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً، فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها [الروم ٣٠/ ٢٤]، أي بعد ما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شيء، فلما جاءها الماء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج ٢٢/ ٥].
إن في ذلك المذكور من الإحياء بعد الموت لبرهانا ساطعا دالا على البعث والمعاد وقيام الساعة، فإن الذي أحيا الأرض قادر على إحياء الموتى، وهو على كل شيء قدير.
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ