بمنزلة الفاء، وصارت إِذا بمنزلة الفاء لأنها لا يبتدأ بها، كما لا يبتدأ بالفاء، بسبب أنها للمفاجاة. وإنما يبتدأ ب (إذا) إذا كان فيها معنى الشرط. وتُصِبْهُمْ: مبتدأ، ويَقْنَطُونَ:
خبره. وإِذا خبر آخر، تقديره: وبالحضرة هم قانطون.
البلاغة:
يَبْسُطُ وَيَقْدِرُ بينهما طباق.
فَتَمَتَّعُوا التفات من الغيبة إلى الخطاب للمبالغة.
المفردات اللغوية:
وَإِذا مَسَّ النَّاسَ أي المشركين كفار مكة وأمثالهم. ضُرٌّ شدة وبلاء. مُنِيبِينَ إِلَيْهِ راجعين إليه دون غيره. ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً أي خلاصا من تلك الشدة. إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ أي فاجأ فريق منهم الإشراك بربهم.
لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ اللام فيه لام العاقبة أو الصيرورة، مثل آية لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [القصص ٢٨/ ٨] وقيل: للأمر بمعنى التهديد. فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة تمتعكم.
أَمْ بمعنى همزة الإنكار. سُلْطاناً حجة وكتابا. فَهُوَ يَتَكَلَّمُ تكلم دلالة، فهو مجاز، كما تقول: كتابه ناطق بكذا، ومعناه الدلالة والشهادة، كأنه قال: فهو يشهد بشركهم وبصحته. بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ أي يأمرهم بالإشراك.
وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ فئة من الكفار. رَحْمَةً نعمة من صحة وسعة. فَرِحُوا بِها فرح بطر، أي بطروا بسببها. سَيِّئَةٌ شدة. بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أي بشؤم معاصيهم.
يَقْنَطُونَ ييأسون من الرحمة. ومن شأن المؤمن أن يشكر عند النعمة، ويرجو عند الشدة.
أَوَلَمْ يَرَوْا أولم يعلموا. يَبْسُطُ يوسع. لِمَنْ يَشاءُ امتحانا. وَيَقْدِرُ يضيق لمن يشاء ابتلاء. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بربهم، فيستدلون بها على كمال القدرة والحكمة.
المناسبة:
بعد بيان التوحيد والاستدلال عليه عقلا وبالمثال، أبان الله تعالى حال فئتين من الناس: الأولى- بعض المشركين الذين يتضرعون إلى الله وقت الشدة، ويشركون به الأوثان والأصنام وقت الرخاء. والثانية- بعض الكفار أو


الصفحة التالية
Icon