البلاغة:
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بينهما طباق.
بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ مجاز مرسل بإطلاق الجزء وهو الأيدي وإرادة الكل.
فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ استعارة، شبه القائم بالأعمال الصالحة بمن يمهد فراشه ويعدّه للنوم عليه، توفيرا للراحة والسلامة.
المفردات اللغوية:
ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ الفساد: الخلل في الأشياء، كالجدب والقحط وقلة النبات، وكثرة الحرق والغرق وأخذ المال ظلما وكثرة المضار وقلة المنافع. والبر: الجزء اليابس من الأرض.
والبحر: الجزء المائي، والمراد: في أهل البر سكان القرى والمدن والفيافي، وأهل البحر سكان السواحل، وركاب البحار. بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ بسبب معاصيهم وذنوبهم لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا أي أن الله قد أفسد أسباب دنياهم ومحقها ليذيقهم وبال بعض أعمالهم وعقوبته في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة. لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما هم عليه ويتوبون. واللام: للتعليل أو للعاقبة.
قُلْ: سِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ أي قل يا محمد لكفار قريش وأمثالهم، تأملوا فيما حدث في الأرض، لتشاهدوا مصداق ذلك، وتتحققوا صدقه. كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ استئناف للدلالة على أن سوء عاقبتهم كان لفشوّ الشرك فيهم.
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ أي وجّه نفسك للعمل بالدين المستقيم، البليغ الاستقامة وهو دين الإسلام. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ أي قبل يوم القيامة الذي لا يقدر أن يرده واحد فلا راد له ولا مانع منه. مِنَ اللَّهِ متعلق بفعل يَأْتِيَ ويجوز تعلقه بقوله مَرَدَّ على معنى: لا يرده الله لتعلق إرادته القديمة بمجيئة. يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ يتصدعون، أي يتفرقون بعد الحساب، فريق في الجنة، وفريق في السعير.
مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أي فعليه وبال كفره وهو النار المؤبدة. يَمْهَدُونَ يوطئون منزلهم ويسوونه في الجنة. لِيَجْزِيَ علة ليمهدون، أو ليصدعون، متعلق به. والاقتصار على


الصفحة التالية
Icon