المناسبة:
بعد بيان أن لله الحمد في الدنيا والآخرة، أبان الله تعالى أن الكفار ينكرون حدوث القيامة أشد الإنكار، أو يستعجلون بها استهزاء بوعد النبي صلّى الله عليه وسلّم بها، ثم أوضح تعالى أن الناس من آيات القرآن فريقان: فريق المنكرين الجاحدين المعاندين الساعين في إبطالها، وجزاؤهم العذاب الأليم، وفريق العالمين المؤمنين بأنها الحق الصراح الأكيد الذي يهدي إلى الصراط المستقيم.
التفسير والبيان:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ أي وقال الكافرون بالرسالات السماوية إنكارا منهم أو استعجالا على سبيل الاستهزاء بالوعد: لن يكون هناك قيامة ولا بعث ولا حساب. وهم بذلك جاحدون الأخبار الواردة من ربهم بحدوث الساعة، والتي تضمنتها كتبه وما فيها من الحجج والبينات.
فرد الله عليهم مؤكدا بطلان اعتقادهم:
قُلْ: بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ أي قل لهم أيها النبي: بلى والله إنها لآتية لا ريب فيها. ويلاحظ في ذلك إثبات وجودها ونفي مزاعمهم، مؤكدا ذلك بالقسم بالله وبالتأكيد في الفعل باللام ونون التوكيد.
وهذه الآية- كما ذكر ابن كثير- إحدى آيات ثلاث أمر الله تعالى فيها رسوله أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد، للرد على المنكرين من أهل الشرك والنفاق والعناد، فإحداهن في سورة يونس: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ؟ قُلْ: إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ، وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [٥٣] والثانية هذه:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ، قُلْ: بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ والثالثة في سورة التغابن: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا، قُلْ: بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ، ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ، وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [٧].


الصفحة التالية
Icon