سيروا فيها. لَيالِيَ وَأَيَّاماً متى شئتم من ليل أو نهار. آمِنِينَ لا تخافون في ليل ولا في نهار.
فَقالُوا: رَبَّنا باعِدْ وفي قراءة: بعّد. بَيْنَ أَسْفارِنا إلى الشام فإنهم بطروا النعمة كبني إسرائيل، فسألوا الله أن يجعل بينهم وبين الشام مفاوز ليتطاولوا فيها على الفقراء بركوب الرواحل وحمل الزاد. وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالكفر وبطر النعمة. فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ لمن بعدهم في ذلك، جمع أحدوثة: وهي ما يتحدث به على سبيل التلهي والاستغراب، فإن الله أجابهم بتخريب القرى المتوسطة. وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ فرقناهم في البلاد غاية التفريق. إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور. لَآياتٍ عبرا ودلالات واضحات. لِكُلِّ صَبَّارٍ كثير الصبر عن المعاصي وعلى الطاعات. شَكُورٍ كثير الشكر على النعم.
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ أي صدق إبليس على الكفار ومنهم سبأ ظنه، والمعنى:
ظن بهم أنه إذا أغواهم اتبعوه. فَاتَّبَعُوهُ أي فصدق في ظنه، أو صدّق ظنه بأن وجده صادقا.
إِلَّا فَرِيقاً بمعنى لكن. مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أي لكن فريقا هم المؤمنون لم يتبعوه، ومِنَ:
للبيان.
وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ أي لم يكن له على المتبعين تسلط واستيلاء بوسوسة واستغواء. إِلَّا لِنَعْلَمَ علم ظهور وانكشاف. مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ أي لنتعرف ونتميز المؤمن بالآخرة من الشاك. وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ محافظ رقيب.
سبب النزول:
أخرج ابن أبي حاتم أن فروة بن مسيك الغطفاني رضي الله عنه قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا نبي الله، إن سبأ قوم كان لهم في الجاهلية عز، وإني أخشى أن يرتدوا عن الإسلام، أفأقاتلهم؟ فقال: ما أمرت فيهم بشيء بعد، فأنزلت هذه الآية: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ الآيات.
المناسبة:
بعد بيان حال الشاكرين لنعم الله المنيبين إليه، وهم داود وسليمان عليهما السلام، بيّن الله تعالى حال الكافرين بأنعمه، بحكاية قصة أهل سبأ، تحذيرا لقريش، ووعيدا لكل من يكفر بنعم الله تعالى.