التفسير والبيان:
نبّه الله تعالى على قدرته العظيمة في خلقه الأشياء المختلفة، فقال عن اختلاف البحرين:
وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ: هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ أكثر المفسرين على أن المراد من الآية ضرب المثل في حق الكفر والإيمان، أو الكافر والمؤمن، فالإيمان لا يتساوى مع الكفر في الحسن والنفع، كما لا يتساوى البحران العذب الفرات، والملح الأجاج، وقال الرازي: والأظهر أن المراد منه ذكر دليل آخر على قدرة الله تعالى، وذلك من حيث إن البحرين يستويان في الصورة، ويختلفان في الماء، فإن أحدهما عذب فرات، والآخر ملح أجاج.
والمعنى: لا يتساوى ولا يتشابه البحران في الحقيقة، فأحدهما عذب الماء شديد العذوبة، سائغ الشراب، يجري في الأنهار بحسب الحاجة إليها في الأقاليم والأمصار، وثانيهما ملح شديد الملوحة، وهو البحر الساكن الذي تسير فيه السفن الكبار.
وبعد اختلافهما في هذا يتشابهان في أمور: مثل أخذ اللحم الطري والحلية منهما، والذي يوجد في المتشابهين اختلافا وفي المختلفين تشابها لا يكون إلا قادرا مختارا، فقال تعالى:
وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا، وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها أي يصاد السمك من كل منهما، وتستخرج الحلية الملبوسة منهما، وهو اللؤلؤ والمرجان، كما قال عز وجل: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [الرحمن ٥٥/ ٢٢- ٢٣].
وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ، لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ، وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي تبصر أيها الناظر السفن في البحر شاقّة الماء، مقبلة مدبرة، حاملة المؤن