فهذه أمثال للمؤمن والإيمان والعاقبة، والكافر والكفر والمصير، كما قال تعالى: مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ، وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ، هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا؟! [هود ١١/ ٢٤] وقال عز وجل: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ، وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ، كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [الأنعام ٦/ ١٢٢]. قال قتادة: هذه كلها أمثال أي كما لا تستوي هذه الأشياء، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
ثم بيّن تعالى مصدر الهداية، فقال:
إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ، وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ أي إن الله يهدي من يشاء إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها، وكما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم، وهم كفار، بالهداية والدعوة إليها، كذلك هؤلاء المشركون لا تستطيع أيها النبي هدايتهم لأن الكفر أمات قلوبهم.
وأما مهمة الرسول فهي:
إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ أي ما أنت إلا رسول منذر عذاب الله، ليس عليك إلا الإنذار والتبليغ، أما الهدى والضلالة فهي بيد الله عز وجل.
إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً أي أرسلناك أيها الرسول إرسالا مصحوبا بالحق، والمرسل محق، وكذا المرسل محق، مبشرا المؤمنين أهل الطاعة بالجنة، ومنذرا الكافرين أهل المعصية بالنار.
والإرسال منهج عام في البشرية، فقال تعالى:
وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ أي ما من أمة من بني آدم سبقت إلا وقد بعث الله إليهم النذر، وأزاح عنهم العلل، كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ، وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [النحل ١٦/ ٣٦].