ثم ذكر سببا آخر لعلمه بالغيب، فقال:
هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ أي إن الله هو الذي جعلكم يخلف قوم قوما آخرين قبلهم، خلفا بعد خلف، وجيلا بعد جيل، لتنتفعوا بخيرات الأرض، وتشكروا الله بالتوحيد والطاعة، كما قال تعالى: وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ [النمل ٢٧/ ٦٢].
فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أي فمن كفر منكم هذه النعمة، فعليه ضرر كفره، وجزاؤه عليه دون غيره.
وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً، وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً أي كلما استمروا على كفرهم أبغضهم الله تعالى وغضب عليهم، وكلما أصروا على الكفر خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، وأصابهم النقص والهلاك.
وهذا التكرار دليل على أن الكفر يستوجب أمرين هما البغض والخسران.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:
١- هذه أحوال النار ومقالتهم، يخلدون في نار جهنم، ولا يموتون فيها ولا يحيون: لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى [الأعلى ٨٧/ ١٣]، ولا يخفف عنهم شيء من عذابها، وهذا جزاء كل كافر بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
٢- إنهم يقولون في النار: ربنا أخرجنا من جهنم، وردنا إلى الدنيا، نعمل عملا صالحا غير عملنا الذي كنا نعمله، وهو الشرك، فنؤمن بدل الكفر، ونطيع بدل المعصية، ونمتثل أمر الرسل.
٣- أجابهم الله تعالى بأنه أعطاهم مدة من العمر كافية، يتمكن فيه كل واحد