ثم ذكر الله تعالى أن هذه الشجرة مأكل الكفار أهل النار، فقال:
فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها، فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ أي إنهم يأكلون من ثمر هذه الشجرة السيء الريح والطعم والطبع، فيملئون بطونهم منه، بالإكراه والاضطرار، لأنهم لا يجدون غير هذه الشجرة ونحوها، كما قال تعالى: يْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ
[الغاشية ٨٨/ ٦- ٧] فهذا طعامهم وفاكهتهم بدل رزق أهل الجنة.
روى ابن أبي حاتم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ص تلا هذه الآية، وقال: «اتقوا الله حق تقاته، فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه؟» «١».
وبعد وصف طعامهم، وصف تعالى شرابهم بما هو أبشع منه، قائلا:
ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ أي ثم إن لهم بعد الأكل منها لشرابا من ماء شديد الحرارة يخالط طعامهم. والمقصود من كلمة ثُمَّ بيان أن حال المشروب في البشاعة أعظم من حال المأكول. ومكان هذا الماء خارج جهنم، لقوله تعالى:
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ أي مرجعهم بعد شرب الحميم وأكل الزقوم إلى دار الجحيم. وهذا يدل على أنهم عند شرب الحميم لم يكونوا في الجحيم، مما يدل على أن الحميم في موضع خارج عن الجحيم، فهم يوردون الحميم لشربه، كما تورد الإبل إلى الماء، ثم يردّون إلى الجحيم، كما قال تعالى: هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن ٥٥/ ٤٣- ٤٤].