وعلماء الفلك قسموا النجوم التي تقع حول مدار القمر ثمانيا وعشرين مجموعة تسمى منازل القمر. وقد كان العرب يعرفون بها الأنواء (أي الأمطار)، ويقيسون بالنسبة إليها مواقع الكواكب السيارة ومنها الشمس.
٤- لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ، وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ، وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ أي لا يصح ولا يسهل لكل من الشمس والقمر أن يدرك أحدهما الآخر، لأن لكل منهما مدارا مستقلا، لا يجتمع مع الآخر فيه، ولأن الشمس تسير مقدار درجة في اليوم، والقمر يسير مقدار (١٣) درجة في اليوم.
ولا تسبق آية الليل وهي القمر آية النهار وهي الشمس، لأن لكل منهما مجالا وسلطانا، فسلطان الشمس ومجالها بالنهار، وسلطان القمر بالليل.
وكل من الشمس والقمر والأرض يسبح ويدور في فلكه في السماء، كما يسبح السمك في الماء، فالشمس تسير في مدار لها نصف قطره (٩٣) مليون ميل، وتتم دورتها في سنة، والقمر يدور حول الأرض كل شهر في مدار نصف قطره (٢٤) ألف ميل، والأرض تدور حول الشمس في سنة، وحول نفسها في يوم وليلة.
وهذا دليل على أن الله جعل لكل من الشمس والقمر والأرض مدارا مستقلا يدور فيه، فلا يحجب أحدهما ضوء الآخر إلا نادرا حينما يحدث كسوف الشمس أو خسوف القمر.
وبعد بيان الدليل المكاني وهو الأرض والأدلة الزمنية الأربعة المتقدمة، أتى تعالى بدليل آخر على قدرته، وهو تسيير الإنسان في البحر كما يسير في البر، كما قال تعالى: وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الإسراء ١٧/ ٧٠] وقال هنا:
وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ أي ومن دلائل قدرته ورحمته تبارك وتعالى: تسخيره البحر ليحمل السفن، وركوب الذرية، أي الأولاد في السفن المملوءة بالبضائع التي ينقلونها من بلد إلى آخر، لتوفير القوت


الصفحة التالية
Icon