ويلاحظ أن ظاهرة الشرك قديمة، وجاءت الرسل لتفنيدها وإبطالها والنهي عنها، والدعوة إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له، كما قال تعالى:
وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ، وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل ١٦/ ٣٦] والطاغوت: كل ما عبد من دون الله من الأوثان وغيرها، وقال سبحانه: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا، فَاعْبُدُونِ [الأنبياء ٢١/ ٢٥].
٥- أجاب الله تعالى عن شبهة المشركين مقتصرا في الجواب على مجرد التهديد، فقال: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أي إن الله يحكم بين أهل الأديان يوم القيامة، فيجازي كلا بما يستحق.
ثم قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ أي إن الله لا يوفق للدين الذي ارتضاه، وهو دين الإسلام، ولا يرشد إلى الهداية من كذب على الله وافترى عليه، وقلبه كافر بآياته وحججه وبراهينه.
٦- أبان الله تعالى بعدئذ أنه لا ولد له كما يزعم جهلة المشركين في الملائكة، والمعاندون من اليهود والنصارى في العزير وعيسى، فلو أراد تعالى أن يسمي أحدا من خلقه بأنه ولد، ما جعله عز وجل إليهم، سبحانه، أي تنزه وتقدس ربنا عن الولد، فهو الله الواحد الأحد، القهار لكل شيء.
من أدلة التوحيد وكمال القدرة وكمال الاستغناء
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٥ الى ٧]
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)