تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً، فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ [إبراهيم ١٤/ ٨].
وفي صحيح مسلم: «لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئا».
ثم ذكر الله تعالى ما يأمر به ويرضاه وما ينهى عنه ولا يرضاه، فقال:
وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ، وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ أي لا يحب الله تعالى الكفر ولا يأمر به، لأنه مرتع الضلال والانحراف والذل لمعبودات لا ضرر منها ولا نفع فيها، وهو سبب الشقاوة في الدارين.
وإن تشكروا الله على نعمه، يرض لكم الشكر ويحبه ويزدكم من فضله، لأن الله عز وجل هو سبب السعادة في الدنيا والآخرة.
ثم أعلن الله تعالى مبدأ المسؤولية الفردية في الدنيا والآخرة الذي هو من مفاخر الإسلام، فقال:
وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أي لا تحمل نفس عن نفس شيئا من الآثام والذنوب والجرائم، بل كل إنسان مطالب بأمر نفسه وعمله من خير أو شر. وقد وردت هذه الآية في القرآن الكريم خمس مرات. وهي كقوله تعالى: كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ [الطور ٥٢/ ٢١] وقوله: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر ٧٤/ ٣٨].
والجزاء على قدر العمل، فقال تعالى:
ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي ثم مآلكم ومصيركم إلى ربكم يوم القيامة، فيخبركم بأعمالكم من خير وشر، إنه خبير بما تضمره القلوب وتستره أي مكنونات النفوس، فلا تخفى عليه خافية.