الذين آمنوا بالله ربا وبالإسلام دينا، اتقوا عذاب ربكم باتباع أوامره واجتناب نواهيه، والاستمرار على طاعته وتقواه.
وعلة الأمر:
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ لمن أحسن العمل في هذه الدنيا حسنة في الدنيا وهي الصحة والعافية والظفر والغنيمة والعزة والسلطان، وفي الآخرة وهي الجنة والمثوبة الطيبة الجزيلة. وتنكير حَسَنَةٌ للتعظيم للدلالة على كمالها.
ثم رغبهم في الهجرة للتمكن من التقوى والطاعة، فقال:
وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ أي إذا لم تتمكنوا من التقوى في بلد، فهاجروا إلى حيث تمكن طاعة الله، والعمل بما أمر به، والترك لما نهى عنه، وجاهدوا، واعتزلوا الأوثان ومستنقعات الكفر، أسوة بالأنبياء والصالحين، كما قال تعالى:
أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها [النساء ٤/ ٩٧].
ثم ذكر أجرهم على الهجرة والصبر على مفارقة الأوطان، فقال:
إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ أي إنما يوفيهم الله أجرهم في الجنة في مقابلة صبرهم على الهجرة وترك الأوطان بغير حساب، أي بغير كيل ولا وزن، وبما لا يقدر على حصره وحسبانه حاصر وحاسب.
وهذا دليل على أن مجرد الإيمان بالقلب أو إعلان الإسلام دون تقوى ولا عمل بأوامر الله واجتناب نواهيه لا يكفي إطلاقا.
ثم ضم تعالى إلى الأمر بالتقوى الأمر بالإخلاص في العبادة والطاعة، فقال:
قُلْ: إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أي إنما أمرت بإخلاص العبادة لله وحده، إخلاصا خاليا من الشرك والرياء وغير ذلك. وهذا وإن كان