البلاغة:
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ؟ إيجاز بالحذف لدلالة السياق عليه ل حذف خبره وتقديره:
كمن طبع الله على قلبه؟ ومثله: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ وجوابه كمن أمن منه بدخول الجنة.
وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ أي وقيل لهم، وضع الظاهر موضع الضمير تسجيلا للظلم عليهم وإشعارا بما يوجب القول لهم، وهو: ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ.
يَهْدِي ويُضْلِلِ بينهما طباق.
المفردات اللغوية:
شَرَحَ فتح وبسط، والمراد: خلق نفسه شديدة الاستعداد لقبول الإسلام صَدْرَهُ أي قلبه، فاهتدى، من حيث إن الصدر محل القلب منبع الروح المتعلق بالنفس القابلة للإسلام، وجواب الاستفهام محذوف تقديره: كمن طبع الله على قلبه، بدليل ما بعده وهو: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ويل: كلمة عذاب، والقاسية قلوبهم: المعرضة عن قبول القرآن، والقسوة: جمود القلب وصلابته. وقوله المتقدم: فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ يعني نور المعرفة والاهتداء إلى الحق، والنور:
البصيرة والهدى،
قال ص: «إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح»
وسيأتي الحديث بتمامه مُبِينٍ بيّن واضح.
أَحْسَنَ الْحَدِيثِ أي القرآن كِتاباً قرآنا مُتَشابِهاً في النظم والمعنى، أي يشبه بعضه بعضا في الإعجاز، وحسن النظم، والدقة، وصحة المعنى والإحكام مَثانِيَ جمع مثنى، من التثنية: التكرار، أي ثنى فيه الوعد والوعيد وغيرهما تَقْشَعِرُّ مِنْهُ تضطرب وتتحرك وترتعد خوفا عند ذكر وعيده يَخْشَوْنَ يخافون تَلِينُ تطمئن وتسكن إِلى ذِكْرِ اللَّهِ عند ذكر وعده ذلِكَ الكتاب هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ هدايته وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ ومن يخذله فَما لَهُ مِنْ هادٍ يخرجه من الضلالة.
أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يجعله درقة (ترسا) يقي به نفسه أشد العذاب، بأن يلقى في النار مغلولة يداه إلى عنقه، والجواب محذوف تقديره: كمن أمن منه بدخول الجنة لِلظَّالِمِينَ كفار مكة وأمثالهم ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ أي ذوقوا وباله وجزاءه.
كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي كذبوا رسلهم في إتيان العذاب فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ من الجهة التي لا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها الْخِزْيَ الذل والهوان فِي الْحَياةِ الدُّنْيا كالقتل والسبي والإجلاء والخسف والمسخ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ لو كان المكذبون يعلمون عذاب الآخرة ما كذبوا.


الصفحة التالية
Icon