أما الذي يخدم واحدا لا ينازعه فيه أحد، إذا أطاعه وحده، عرف ذلك له، وإن أخطأ صفح عن خطئه، فأيهما أقل تعبا أو على هدى مستقيم؟! لذا ختم الله تعالى بيانه بتعليمنا فضله علينا، وإرشادنا إلى حمده وشكره والثناء عليه على أن هدانا للإسلام، ووفقنا للحق، بعد ظهور الحجة على الكافرين، ولكن أكثر الناس لا يعلمون الحق، فيتبعونه.
٣- إن مصير جميع الخلائق إلى الله لحسابهم وتصفية منازعاتهم والقضاء العدل فيهم، سواء المؤمنون والكافرون، فيتخاصم الكافر والمؤمن والظالم والمظلوم،
وورد في خبر عن ابن منده عن ابن عباس: «إن الخصومة تبلغ يوم القيامة إلى أن يحاجّ الروح الجسد».
وأخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي ص قال: «من كان عنده مظلمة لأخيه من عرض أو مال، فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح، أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه، فحملت عليه».
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا أن رسول الله ص قال: «أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال رسول الله ص: إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار».
وقال أبو سعيد الخدري: كنا نقول: ربنا واحد، وديننا واحد، ونبينا واحد، فما هذه الخصومة؟ فلما كان يوم صفّين، وشد بعضنا على بعض بالسيوف، قلنا: نعم هو هذا.